الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فهذا بحث في الأثر الذي يذكرونه عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال : [ كل عبَادَة لَا يتعبدها أَصْحَاب رَسُول الله
- صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَلَا تعبدوها ]
وهذا الأثر لم أقف على إسناد له بعد طول بحث , كذلك عدد من الباحثين في
الشابكة رأيتهم توصلوا إلى نفس النتيجة
والأثر أقدم من ذكره هو أبو شامة المقدسي صاحب كتاب الباعث.
قال في كتابه المذكور [ ص 16 ] : وَفِي سنَن أبي دَاوُد عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان
رضي الله عَنْهُمَا كل عبَادَة لَا يتعبدها أَصْحَاب رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم) فَلَا تعبدوها فان الأول لم يدع للْآخر مقَالا فَاتَّقُوا الله يَا معشر الْقُرَّاء
وخذوا طَرِيق من كَانَ قبلكُمْ .انتهى
قلت
: الأثر في
السنن وغيرها دون الشطر الأول وقوله في سنن أبي داود محض وهم لأمور :
أولاً
: لو كان في
سنن أبي داود لسارت به الركبان ولما رأيت مصنفا في العقيدة إلا وذكره
ثانياً
: الأثر ليس
له ذكر إلا في كتاب أبي شامة ومن جاء بعده وأخذ من كتابه كالشاطبي
كذلك الإمام المجدد ذكره وعزاه لأبي داود نقلاً عن أبي شامة أو الشاطبي أو
ممن نقل عنهما .
ولم أقف له على ذكر أبداً لا مسنداً ولا غير مسند عند أحد أعلى من أبي شامة
.
والخبر – والله أعلم – محض وهم من أبي شامة .
ولو كان هذا الخبر مرويا عن
حذيفة لما خلا منه كتاب في العقيدة , وقد يذكرون أحيانا ما تحتاج لشرحه وتأمله
لتفهم وجه دخوله في هذا الباب فكيف يترك مثل هذا النص الواضح الجلي عن صحابي جليل
مثل حذيفة .
ومن الجدير بالذكر أني لم أجد شيخ
الإسلام ولا ابن القيم ولا ابن رجب ذكروا هذا الخبر في أي تصنيف من تصانيفهم التي
وقفت عليها
فيبدوا أنهم عرفوا أنه وهم والله
أعلم .
والكلام صحيح مستقيم لاشيء فيه البتة , لكن لا يجزم بنسبته إلى حذيفة رضي
الله عنه والحال هذه .