السبت، 25 يناير 2014

أخبار منتشرة عن الحافظ الأعمش لا تصح !



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فإن أبا محمد سليمان بن مهران الأعمش من حفاظ الإسلام الكبار .
 وهو من الستة الذين عليهم مدار الإسناد ، وأنت إذا قرأت في الصحيحين لا تكاد تقرأ عشرة أحاديث أو عشرين إلا ويمر عليك اسم الأعمش .
 ومع الأسف لهجران الكثير من الشباب السلفي فضلاً عن غيرهم للكتب المسندة ما عرفوا فضل أولئك الأخيار وما حفظوه لنا من الدين .
 حتى إنني لما جمعت آثار الصحابة وجدت أكثر أخبار الصحابة الذين سكنوا الكوفة الثابتة ، من طريق هذا الجبل، لهذا مع تدليسه احتمل الأئمة عنعنته ما لم يقم دليل على تدليسه.


قال أبو داود في مسائله 138: سَمِعْتُ أَحْمَد سُئِلَ عن الرجل يعرف بالتَّدْلِيس ، يُحْتَجُّ فِيما لم يقل فِيه : سَمِعْتُ ؟ قَالَ : لا أدري.
فَقُلْتُ : الأَعْمَش ، متى تُصَاد له الألفاظ ؟ قَالَ : يضيق هذا ، أي أنك تَحْتَج به .

وسبب هذا الضيق كثرة الذي رواه هذا الجبل ، وقد أخذوا على الكرابيسي تعرضه للأعمش في كتابه المدلسين.
 وإليك شهادة جليلة من أعجوبة حفظ الأحاديث الطوال محمد ابن شهاب الزهري لهذا الجبل:

قال ابن أبي خيثمة في تاريخه 2750: حَدَّثَنا عَبْد الله بْنُ جَعْفَر، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْنِ عَمْرو، قَالَ: قَالَ لي إسحاق بن راشد: كان الزُّهْرِيّ إذا ذكر أهل العراق ضَعَّفَ عليهم.
 قَالَ: فقلت له: إن بالكوفة مولى لبني أسد يروي أربعة آلاف حديث إن شئتَ حدثتُك ببعض علمه، قَالَ: فجيء، قَالَ: فأتيت به قَالَ: فجعل يقرأ وأعرف النغير منه.
 ثم قَالَ: والله إنَّ هذا العلم، وما كنت أرى أحدا يعلم مثل هذا.

أقول : هذا إسناد قوي وأورده ابن أبي خيثمة في ترجمة الأعمش وهو مولى بني أسد المقصود.
 فإن قيل : أليس قد كان متشيعاً ؟

فيقال : تشيعه ليس بالمفرط ، بل كان عف اللسان عن الصحابة لا يصح عنه طعنٌ فيهم.
 بل مدار حديث ( لا تسبوا أصحابي ) في الصحيحين عليه رحمه الله .
 وذكر عنه الخلال في السنة ثناءً على معاوية ، وفي سنده جهالة
والتشيع كان آنذاك منتشراً انتشاراً عظيماً في الكوفة ، وعامتهم يفضلون الشيخين على علي.

قال ابن حجر في التهذيب : "قال ابن قانع كان ثقة مأموثا ثبتا وقال ابن يونس اتيت حماد بن زيد فسألته ان يملي علي شيئا من فضائل عثمان فقال من اين انت قلت من أهل الكوفة فقال كوفي يطلب فضائل عثمان والله لا امليتها عليك إلا وانا قائم وأنت جالس".

ومع الأسف كثير من الإخوة لا يعرف عن الأعمش إلا تلك الطرائف التي انتشرت بسبب حب الناس لهذه الأمور ، وأغفلوا الجانب المهم من ترجمة الرجل ومنها ما لا يصح -أعني من الطرائف-.

فمن ذلك ما روى الخطيب في شرف أصحاب الحديث 283 :
 أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب ، قال قرأت على أبي الحسن الكراعي ، أخبركم أبو حامد أحمد بن علي الكشميهني ، قال : سمعت علي بن خشرم ، قال : سمعت عيسى بن يونس ، يقول :
 خرجنا في جنازة ، ورجل من أصحاب الحديث يقود الأعمش . فلما رجعنا من الجنازة ، عدل به عن الطريق .
 فلما أصحر ، قال له : يا أبا محمد أتدري أين أنت ؟ أنت في جبانة كذا . لا والله لا أردك حتى تملأ ألواحي حديثا . قال : اكتب . فلما ملأ الألواح ، وضعها في حجره ، وأخذ بيد الأعمش ، يقوده . فلما دخل الكوفة ، لقيه بعض معارفه ، فدفع الألواح إليه ، فلما انتهى الأعمش إلى بابه ، تعلق به ، وقال :  خذوا الألواح من الفاسق . قال : يا أبا محمد قد فاتت . فلما أيس منه .
 قال : كل ما حدثتك كذب . قال الفتى : أنت أعلم بالله من أن تكذب.

أحمد بن محمد بن غالب مجهول وكذلك أبو الحسن الكراعي وأبو حامد لا يعرفون.

 وقال الخطيب في الرحلة 286 : أخبرنا رضوان بن محمد الدينوري ، قال : سمعت أبا بكر بن لال ، بهمذان ، يقول سمعت الخليل بن عبد الله ، يقول : سمعت علي بن صالح ، يقول سمعت عبد الله بن محمد الرازي ، يقول : أخبرنا جرير ، قال : كنا نأتي الأعمش ، وكان له كلب ، يؤذي أصحاب الحديث . قال : فجئناه يوما ، وقد مات ، فهجمنا عليه ، فلما رآنا بكى ، ثم قال : هلك من كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

الخليل مجهول وعبد الله بن محمد الرازي لا يعرف.
 وقد صحت عنه بعض الأخبار في سوء الخلق مع المحدثين ، والسبب في ذلك أنهم كانوا يثقلون عليه ، وقد كان ورعاً عن الحديث فخاف أن يحملوه على الكذب، ومما يدل على أن الأعمش كان يبذل الحديث لأهله كثرة الرواية عنه في كتب الإسلام.

وقال الخطيب في تاريخ بغداد : أَخْبَرَنَا حمزة بن محمد بن طاهر، قال: أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم بن الحسن، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حَدَّثَنِي أحمد بن زهير، قال: سمعت إبراهيم بن عرعرة، قال:
 سمعت يحيى القطان إذا ذكر الأعمش، قال:
كان من النساك، وكان محافظا على الصلاة في جماعة، وعلى الصف الأول.
قال يحيى: وهو علامة الإسلام.


وقال الخطيب :
أَخْبَرَنَا محمد بن عمر بن بكير المقرئ، قال: أَخْبَرَنَا عثمان بن أحمد بن سمعان الرزاز، قال: حَدَّثَنَا هيثم بن خلف الدوري، قال: حَدَّثَنَا محمود بن غيلان، قال: حَدَّثَنَا وكيع، قال:


كان الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى، واختلفت إليه قريبا من سنتين فما رأيته يقضي ركعة.

كلاهما صحيح الإسناد , وفي ترجمته فضائل كثيرة فليرجع لها  
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم