الأحد، 21 سبتمبر 2014

خبر مكذوب عن علي رضي الله عنه [ اجتنبوا البرد في أوله ، وتلقوه في آخره فإنه يفعل في الأبدان كفعله في الأشجار ] وفيه نقولات حول كتاب نهج البلاغة



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد انتشر بين الناس هذا الأثر منسوباً إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

[تَوَقَّوا الْبَرْدَ  فِي أَوَّلِهِ، وَتَلَقَّوْهُ  فِي آخِرِهِ ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ فِي الأبْدَانِ كَفِعْلِهِ فِي الأشْجَارِ، أَوَّلُهُ يُحْرِقُ وَآخِرُهُ يُورقُ ]
وبعضهم استبدل كلمة [ توقوا ] بكلمة [ اجتنبوا ]

أقول : هذا الأثر كذب لا أصل له عن علي ولا إسناد , أقدم من ذكره صاحب نهج البلاغة
وهو كتاب مليء بالأكاذيب التي لا تصح عن علي رضي الله عنه.


قال شيخ الإسلام رحمه الله [منهاج السنة 7 / 86 ] :  [ وَإِنَّمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا فِي كِتَابِ ( نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ) وَأَمْثَالِهِ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَكْثَرَ خُطَبِ هَذَا الْكِتَابِ مُفْتَرَاةٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ غَالِبُهَا فِي كِتَابٍ مُتَقَدِّمٍ، وَلَا لَهَا إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ. فَهَذَا الَّذِي نَقَلَهَا مِنْ أَيْنَ نَقَلَهَا؟ ]
وقال شيخ الإسلام رحمه الله  [ منهاج السنة 8 / 55 ] : [ أَكْثَرُ الْخُطَبِ الَّتِي يَنْقُلُهَا صَاحِبُ ( نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ) كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَجَلُّ وَأَعْلَى قَدْرًا مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِذَلِكَ الْكَلَامِ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ وَضَعُوا أَكَاذِيبَ وَظَنُّوا أَنَّهَا مَدْحٌ، فَلَا هِيَ صِدْقٌ وَلَا هِيَ مَدْحٌ ]
وقال شيخ الإسلام : [ منهاج السنة 8 / 55  وما بعدها ] : [ صَاحِبَ ( نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ) وَأَمْثَالَهُ أَخَذُوا كَثِيرًا مِنْ كَلَامِ النَّاسِ فَجَعَلُوهُ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ.
 وَمِنْهُ مَا يُحْكَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ كَلَامٌ حَقٌّ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، وَلَكِنْ هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ.
وَلِهَذَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ ( الْبَيَانِ وَالتَّبْيِينِ ) لِلْجَاحِظِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ كَلَامٌ مَنْقُولٌ عَنْ غَيْرِ عَلِيٍّ ، وَصَاحِبُ ( نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ) يَجْعَلُهُ عَنْ عَلِيٍّ.
وَهَذِهِ الْخُطَبُ الْمَنْقُولَةُ فِي كِتَابِ ( نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ) لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ كَلَامِهِ ; لَكَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ هَذَا الْمُصَنَّفِ، مَنْقُولَةً عَنْ عَلِيٍّ بِالْأَسَانِيدِ وَبِغَيْرِهَا.
 فَإِذَا عَرَفَ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِالْمَنْقُولَاتِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا - بَلْ أَكْثَرَهَا - لَا يُعْرَفُ قَبْلَ هَذَا ، عُلِمَ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ.
 وَإِلَّا فَلْيُبَيِّنِ النَّاقِلُ لَهَا فِي أَيِّ كِتَابٍ ذُكِرَ ذَلِكَ ؟ وَمَنِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ ؟ وَمَا إِسْنَادُهُ ؟
 وَإِلَّا فَالدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةُ لَا يَعْجِزُ عَنْهَا أَحَدٌ.
وَمَنْ كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ بِمَعْرِفَةِ طَرِيقَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، وَمَعْرِفَةِ الْآثَارِ وَالْمَنْقُولِ بِالْأَسَانِيدِ ، وَتَبَيُّنِ صِدْقِهَا مِنْ كَذِبِهَا ، عَلِمَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْقُلُونَ مِثْلَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْمَنْقُولَاتِ ، وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ صِدْقِهَا وَكَذِبِهَا. ]
فهذا الخبر كذب علىعلي رضي الله عنه , ولا يجوز نشره بين الناس منسوباً له إلا لبيان أنه كذب مكذوب لا إسناد له له ولا أصل  .
 
 هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم