الأربعاء، 25 مارس 2015

تنبيه حول المقالة المنتشرة : [ إذا رأيت رجلاً يركض حاسر الرأس وأمامه آخر معه عمامة فلا تحكم فلعله خلاف ما تظن ! ]



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فتنتشر بين الناس هذه المقالة  ينقلونها عن بعض المشاهير أنه قال    :

[ يقول ابن القيم رحمه الله  :
يضرب مثال بسيط وجميل يقول إذا رأيت شخصين أحدهما يلحق الآخر يركض خلفه ، يريد القبض عليه والملاحق في يده عمامة غير عمامته واللاحق بدون عمامة بحيث إن الظاهرة هذه توحي للناظر المشاهد أن الملحوق سارق العمامة من رأس اللاحق .
 يقول إياك أن تحكم بأن هذا الملحوق هو سارق العمامة من هذا الإنسان
 بالرغم أن الظاهرة توحي بهذا ؛ لماذا ؟
 يقول لك في احتمال أن هذه العمامة هي حق هذا الإنسان الملحوق ، كان ذاك الرجل خطفها منه فهو استطاع بطريقة أو بأخرى إنه يأخذها وركض فيها  ] . انتهى

أقول : وهذا الكلام كذب على ابن القيم لا صحة له بل ابن القيم تهكم وسفه من هذا المثال وأنه خلاف المنقول والمعقول !

فبعد أن ذكر أمثلة كثير في الحكم بالقرائن وأن القرائن القوية محكوم بها حزما 

قال في الطرق الحكمية [ 1 / 7  ] : وَكَذَلِكَ إذَا رَأَيْنَا رَجُلًا مَكْشُوفَ الرَّأْسِ - وَلَيْسَ ذَلِكَ عَادَتَهُ - وَآخَرَ هَارِبًا قُدَّامَهُ بِيَدِهِ عِمَامَةٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ: حَكَمْنَا لَهُ بِالْعِمَامَةِ الَّتِي بِيَدِ الْهَارِبِ قَطْعًا.

وقال : وَلَوْ اعْتَبَرْنَاهَا لَاعْتَبَرْنَا يَدَ الْخَاطِفِ لِعِمَامَةِ غَيْرِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ وَآخَرُ خَلْفَهُ حَاسِرَ الرَّأْسِ وَنَحْنُ نَقْطَعُ بِأَنَّ هَذِهِ يَدٌ ظَالِمَةٌ عَادِيَةٌ، فَلَا اعْتِبَارَ لَهَا

وقال : وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ - بَلْ وَغَيْرَهُمْ - يَرَوْنَ مِنْ الْقَبِيحِ: .. وذكر أموراً إلى أن قال : أَوْ تُسْمَعُ دَعْوَى الذَّاعِرِ الْهَارِبِ وَبِيَدِهِ عِمَامَةٌ لَهَا ذُؤَابَةٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ، وَخَلْفَهُ عَالِمٌ مَكْشُوفُ الرَّأْسِ، فَيَدَّعِي الذَّاعِرُ أَنَّ الْعِمَامَةَ لَهُ، فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِهَا بِحُكْمِ الْيَدِ.

وقال : وَأَنْتَ تَعْلَمُ فِي مَسْأَلَةِ الْهَارِبِ - وَفِي يَدِهِ عِمَامَةٌ وَعَلَى رَأْسِهِ أُخْرَى، وَآخَرُ حَاسِرَ الرَّأْسِ خَلْفَهُ - عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّ الْعِمَامَةَ لَهُ، وَأَنَّهُ لَا نِسْبَةَ لِظُهُورِ صِدْقِ صَاحِبِ الْيَدِ إلَى هَذَا الْعِلْمِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.
فَكَيْفَ تُقَدَّمُ الْيَدُ - الَّتِي غَايَتُهَا أَنْ تُفِيدَ ظَنًّا مَا، عِنْدَ عَدَمِ الْعَارِضِ - عَلَى هَذَا الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ الْيَقِينِيِّ، وَيُنْسَبُ ذَلِكَ إلَى الشَّرِيعَةِ.

وقال : وَذَلِكَ: كَمَا لَوْ رَأَى إنْسَانًا يَعْدُو وَبِيَدِهِ عِمَامَةٌ، وَعَلَى رَأْسَهُ عِمَامَةٌ، وَآخَرَ خَلْفَهُ حَاسِرُ الرَّأْسِ، مِمَّنْ لَيْسَ شَأْنُهُ أَنْ يَمْشِيَ حَاسِرَ الرَّأْسِ، فَإِنَّا نَقْطَعُ أَنَّ الْعِمَامَةَ الَّتِي بِيَدِهِ لِلْآخَرِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى تِلْكَ الْيَدِ.
وَيَجِبُ الْعَمَلُ قَطْعًا بِهَذِهِ الْقَرَائِنِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ الْمُسْتَفَادَ مِنْهَا أَقْوَى بِكَثِيرٍ مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ مُجَرَّدِ الْيَدِ، بَلْ الْيَدُ هُنَا لَا تُفِيدُ ظَنًّا أَلْبَتَّةَ، فَكَيْفَ تُقَدَّمُ عَلَى مَا هُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ، أَوْ كَالْمَقْطُوعِ بِهِ؟ انتهى كلامه ثم ذكر ما يؤيد قوله عن بعض فقهاء المالكية وغيرهم 

أقول : لهذا لزم التنبيه فنسبة مذهب التوقف لابن القيم في هذه المسألة كذب عليه رحمه الله تعالى كما تبين لك .