الاثنين، 22 فبراير 2016

تنبيه حول القصة المنتشرة عن الإمام الشافعي [ يا يونس تجمعنا مئات المسائل وتفرقنا مسألة واحدة ؟! ]


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فانتشرت هذه القصة بين الناس في مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي والمنتديات  
 [يحكى أن...
يونس بن عبد اﻷعلى - أحد طلاب اﻹمام الشافعي - اختلف مع اﻹمام محمد بن إدريس الشافعي في مسألة أثناء إلقاءه درس في المسجد...!!
فقام يونس بن عبد اﻷعلى مغضبا ، وترك الدرس ، وذهب إلى بيته...!!
فلما أقبل الليل ، سمع يونس صوت طرق على باب منزله...!!

فقال يونس: من بالباب...؟
قال الطارق: محمد بن إدريس...!!
قال يونس: فتفكرت في كل من كان اسمه محمد بن إدريس إلا الشافعي...!!
قال: فلما فتحت الباب ، فوجئت به...!!
فقال اﻹمام الشافعي: يا يونس تجمعنا مئات المسائل ، وتفرقنا مسألة...؟!!]

قلنا : وهذه القصة بهذا التمام والسياق كذب لا أصل ولم يذكره أحد من المصنفين ولم نقف على أصلها
وإنما قال ابن عساكر في تاريخه : [أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين قراءة عن أبي عبد الله القضاغي قال قرأت على أبي عبد الله بن شاكر حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا محمد بن سفيان بن سعيد قال قال لنا يونس بن عبد الأعلى ما رأيت أحدا أعقل من الشافعي لو جمعت أمة فجعلت في عقل الشافعي لوسعهم عقله
 قال وقال لنا يونس ناظرت الشافعي يوما في مسألة ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي ثم قال لي يا أبا موسى لا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة ]
ومحمد بن سفيان بن سعيد الذي في الإسناد متروك متهم بالكذب له ترجمة في لسان الميزان
ونقلها الذهبي في السير عنه بهذا السياق ( سطر واحد فقط ) من غير تلك الزيادات الكثيرة مما لا أصل له

وكذلك كل من ينشرها بالسياق المكذوب والزيادات مثل الدكتور العريفي والدكتورة غنيمة النحلاوي في مقال لها بالآلوكة
وغيرهم كثير جداً لا يدخلون في الحصر من الدكاترة وأصحاب الشهادات وفقهم الله !
لم أجد من عزاها منهم لمصدر أو كتاب

وبيان كذب هذه الحكاية الطويلة من وجوه
1- لا يعقل أن تغيب هذه الحكاية عن كل كتب البحث وكل من ترجم للشافعي من الأئمة وكل كتب السير ويظفر بها أهل المنتديات وتويتر في آخر الزمان !

2- لم أجد حتى الساعة من عزاها لمصدر ولو كذباً

3- سياق القصة ركيك ضعيف كأنه مختلق بلغة عصرية

4- لم أجد من يستخدم هذه الحكاية بالخير ! بل عامتهم يريد أن يسقط الإنكار والشدة على المخالف مطلقاً وهذا باطل باتفاق المسلمين

5- ينظر في ترجمة يونس وأنه كان يوقر الشافعي جداً ولا يرد عليه وبينهما من التوقير وشدة الاحترام ما ينافي ما ورد في هذه القصة

والخلاصة أن أحدهم قرأ هذا السطر في سير أعلام النبلاء للذهبي الذي في إسناده كذاب ثم أضاف تلك الزيادات التشويقية ! من كيسه وتلقفها عنه الناس والله أعلم
والحمد لله رب العالمين